الجمعة، 8 مايو 2015

العمل

بسم الله الرحمن الحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

 العمل
يروى أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله ويطلب منه مالا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أما في بيتك شيء؟). فقال الرجل: بلى، حلس (كساء) نلبس بعضه ونبسط بعضه، وقدح نشرب فيه الماء.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ائتني بهما)، فجاء بهما الرجل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ يشتري هذين؟). فقال رجل: أنا آخذهما بدرهم. فقال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ يزيد على درهم؟)-مرتين أو ثلاثًا-.
فقال رجل: أنا آخذهما بدرهمين، فأعطاهما إياه، وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم الدرهمين، فأعطاهما الرجل الفقير، وقال له: (اشترِ بأحدهما طعامًا فانبذه إلى أهلك، واشترِ بالآخر قدومًا (فأسًا) فأتني به).
فاشتري الرجل قدومًا وجاء به إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فوضع له الرسول صلى الله عليه وسلم يدًا وقال له: (اذهب فاحتطب وبع ولا أَرَينَّك (لا أشاهدنَّك) خمسة عشر يومًا).
فذهب الرجل يجمع الحطب ويبيعه، ثم رجع بعد أن كسب عشرة دراهم، واشترى ثوبًا وطعامًا، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: (هذا خير لك من أن تجيء المسألة نُكْتَةً (علامة) في وجهك يوم القيامة، إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة: لذي فقر مُدْقِع (شديد)، أو لذي غُرْم مفظع (كبير)، أو لذي دم موجع (عليه دية)) [أبو داود].
*ما هو العمل؟
للعمل معانٍ كثيرة واسعة، فهو يطلق على ما يشمل عمل الدنيا والآخرة.
عمل الآخرة: ويشمل طاعة الله وعبادته والتقرب إليه، والله -تعالى- يقول: {فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض} [آل عمران: 195]
.
وسُئِل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: (إيمان بالله ورسوله)، قيل: ثم ماذا؟ قال: (جهاد في سبيل الله)، قيل: ثم ماذا؟ قال: (حج مبرور) [البخاري].
عمل الدنيا: ويطلق على كل سعي دنيوي مشروع، ويشمل ذلك العمل اليدوي وأعمال الحرف والصناعة والزراعة والصيد والتجارة والرعي وغير ذلك من الأعمال. وقد سئل الرسول صلى الله عليه وسلم: أي الكسب أفضل؟ فقال: (عمل الرجل بيده) [الحاكم].
أمرنا الله -تعالى- بالعمل، والجـد في شئون الحياة، في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، فقال سبحانه: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرًا لعلكم تفلحون} [الجمعة: 10]. وقـال تعالى: {هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور} [الملك: 15]. وقـال تعالى: {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون} [التوبة: 105].
وعلى كل مسلم أن يؤدي ما عليه من عملٍ بجد وإتقان؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بإحسان العمل وإتقانه، كذلك فإن الطالب عليه أن يجتهد في مذاكرته؛ لأنها عمله المكلف به؛ فيجب عليه أن يؤديه على خير وجه، حتى يحصل على النجاح والتفوق.
والمسلم لا يتوقف عن العمل مهما كانت الظروف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة؛ فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها، فليغرسها) [أحمد].
وقد نهى الإسلام عن أن يجلس الرجل بدون عمل، ثم يمد يده للناس يسألهم المال، وقد وصف الله -تعالى- فقراء المؤمنين بالعفة، فهم مهما اشتد فقرهم لا يسألون الناس ولا يلحُّون في طلب المال، يقول تعالى: {للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربًا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافًا} [البقرة: 273].
والذي يطلب المال من الناس مع قدرته على العمل ظالم لنفسه؛ لأنه يُعرِّضها لذل السؤال، وقد حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم من المسألة، وبالغ في النهي عنها والتنفير منها، فقال صلى الله عليه وسلم: (اليد العُلْيَا خير من اليد السُّفْلَى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة عن ظهر غنى، ومن يستعفف يعِفَّه الله، ومن يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ الله) [متفق عليه]. وقال صلى الله عليه وسلم: (لأن يأخـذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من أن يأتي رجلا فيسأله أعطاه أو منعه) [البخاري].
ويقول عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق، ويقول: اللهم ارزقني، وقد علم أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة. فعلى المسلم أن يعمل ويجتهد حتى تتحقق قيمته في الحياة، يقول الشاعر:
بِقَدْرِ الْكَـدِّ تُكْتَسَـبُ المعَـالِـي
ومَنْ طلب العُلا سَهرَ اللَّـيالِــي
ومن طلب العُـلا من غير كَــدٍّ
أَضَاع العُمْـرَ في طلب الْمُحَــالِ
العمل خلق الأنبياء:
عمل نبي الله نوح -عليه السلام- نجارًا، وقد أمره الله بصنع السفينة ليركب فيها هو ومن آمن معه. واشتغل يعقوب -عليه السلام- برعي الغنم. وعمل يوسف -عليه السلام- وزيرًا على خزائن مصر.
ويروى أن نبي الله إدريس -عليه السلام- كان خياطًا، فكان يعمل بالخياطة، ولسانه لا يكفُّ عن ذكر الله؛ فلا يغرز إبرة ولا يرفعها إلا سبح الله؛ فيصبح ويمسي وليس على وجه الأرض أحد أفضل منه. كما اشتغل نبي الله موسى
-عليه السلام- برعي الغنم عشر سنين.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أكل أحدٌ طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده) [البخاري]. وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم نبي الله داود -عليه السلام- لأنه كان مَلِكًا، ومع كونه ملكًا له من الجاه والمال الكثير، إلا أنه كان يعمل ويأكل من عمل يده؛ فقد كان يشتغل بالحدادة، ويصنع الدروع الحديدية وآلات الحرب بإتقان وإحكام. وقد اشتغل رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك برعي الغنم في صغره، ثم عمل في شبابه بالتجارة.



فضل العمل:
المسلم يعمل حتى يحقق إنسانيته؛ لأنه كائن مُكلَّف بحمل رسالة، وهي عمارة الأرض بمنهج الله القويم، ولا يتم ذلك إلا بالعمل الصالح، كما أن الإنسان لا يحقق ذاته في مجتمعه إلا عن طريق العمل الجاد.
وبالعمل يحصل الإنسان على المال الحلال الذي ينفق منه على نفسه وأهله، ويسهم به في مشروعات الخير لأمته، ومن هذا المال يؤدي فرائض الله؛ فيزكي ويحج ويؤدي ما عليه من واجبات، وقد أمر الله عباده بالإنفاق من المال الطيب، فقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم} [البقرة: 267].
وقد ربط الله -عز وجل- بين العمل والجهاد في سبيل الله، فقال تعالى: {وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله} [المزمل: 20].
وجعل النبي صلى الله عليه وسلم من يخرج ليعمل ويكسب من الحلال؛ فيعف نفسه أو ينفق على أهله، كمن يجاهد في سبيل الله. وقد مر رجل على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فرأى الصحابة جده ونشاطه، فقالوا: يا رسول الله، لو كان هذا في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن كان خرج يسعى على ولده صغارًا فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يَعفُّها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياءً ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان) [الطبراني].
كما أن العمل يكسب المرء حب الله ورسوله واحترام الناس. روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تعالى يحب العبد المؤمن المحترف (أي: الذي له عمل ومهنة يؤديها)) [الطبراني والبيهقي].
أخلاقيات العمل في الإسلام:
نظم الإسلام العلاقة بين العامل وصاحب العمل، وجعل لكلِّ منهما حقوقًا وواجبات.
أولا: حقوق العامل:
ضمن الإسلام حقوقًا للعامل يجب على صاحب العمل أن يؤديها له، ومنها:
* الحقوق المالية: وهي دفع الأجر المناسب له، قال الله تعالى: {ولا تبخسوا الناس أشيائهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين} [هود: 85]. ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه) [ابن ماجه].
* الحقوق البدنية: وهي الحق في الراحة، قال تعالى: {لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها} [البقرة: 286]. ويقول صلى الله عليه وسلم: (إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فلْيطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم) [متفق عليه]. وكذلك يجب على صاحب العمل أن يوفر للعامل ما يلزمه من رعاية صحية.
* الحقوق الاجتماعية: وهي التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (مَنْ كان لنا عاملا فلم يكن له زوجة فليكتسب زوجة، فإن لم يكن له خادم فليكتسب له خادمًا، فإن لم يكن له مسكن فليكتسب مسكنًا. من اتخذ غير ذلك فهو غَالٌّ أو سارق) [أبو داود].
ثانيا: واجبات العامل:
وكما أن العامل له حقوق فإن عليه واجبات، ومن هذه الواجبات:
* الأمانة: فالغش ليس من صفات المؤمنين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من غش فليس مني) [مسلم وأبو داود والترمذي].
* الإتقان والإجادة: لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه) [البيهقي].
* التبكير إلى العمل: حيث يكون النشاط موفورًا، وتتحقق البركة، قال صلى الله عليه وسلم: (اللهم بارك لأمتي في بكورها) [الترمذي وابن ماجه].
* التشاور والتناصح: حيث يمكن التوصل للرأي السديد، قال صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة) [مسلم والترمذي].
* حفظ الأسرار: يجب على العامل أن يحفظ أسرار عمله، فلا يتحدث إلى أحد -خارج عمله- عن أمورٍ تعتبر من أسرار العمل.
* الطاعة: فيجب على العامل أن يطيع
رؤساءه في العمل في غير معصية، وأن يلتزم بقوانين العمل.

فضل العلم


بسم الله الرحمن الحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته


فضل العلم
قال ابن القيم – رحمه الله - :
" ولو لم يكن في العلم إلا القرب من رب العالمين , والالتحاق بعالم الملائكة , وصُحبة الملإ الأعلى , لكفى به شرفاً وفضلاً , فكيف وعِزُّ الدنيا والآخرة منوط ٌ به , مشروط بحصوله؟! " .
طالب العلم في منزله
قال ابن الحاج – رحمه الله - :
" وينبغي لطالب العلم أن يتفقد أهله فيما يحتاجون إليه ؛ لأنه جاء لتعليم غيرهم طلبا لثواب إرشادهم , فخاصَّتُه ومن تحت نظره آكد ؛ لأنهم رعيتهُ , ومن الخاصة به كما سبق الحديث : " كلكم راع ٍ.... " . فيعطيهم نصيبهم فيبادر بتعليمهم آكد الأشياء في الدين أولاً , وأنفعها وأعظمها , فيعلمهم الإيمان والإسلام , ويجدد عليهم علم ذلك , وإن كانوا قد علموه , ويعلمهم الإحسان , ويعلمهم الوضوء , والاغتسال , وصفتهما , والتيمم , والصلاة , وما في ذلك  كله من الفرائض , والسنن والفضائل , وكل ما يحتاجون إليه من أمر دينهم , الأهم فالأهم " .
" مفتاح دار السعادة " (1/108) .
" المدخل " لابن الحاج (1/209) .
اختيار الشيخ
قال ابن جماعة – رحمه الله - :
" فينبغي أن يختار الأعلم , والأورع , والأسن , كما اختار أبو حنيفة – رحمه الله – حماد بن سليمان – رحمه الله – بعد التأمل والتفكر .
وقال : وجدته شيخاً وقوراً , حليماً صبوراً .
وقال : ثبت عند حماد بن سليمان فنَبتُّ " .
" تعليم المتعلم " (ص12) .
التبكير في طلب العلم
عن عبد الله بن أحمد بن حنبل – رحمهم الله – قال :
سمعتُ أبي يقول : " كنت ربما أردت البكور إلى الحديث , فتأخذ أمي ثيابي وتقول : حتى يؤذن الناس , حتى يصبحوا , وكنت ربما بكرت إلى مجلس أبي بكر ابن عياش وغيره " .
آداب الدخول على الشيخ
قال ابن جماعة – رحمه الله - :
" ينبغي أن يدخل على الشيخ كامل الهيئة , متطهر البدن والثياب , نظيفهما بعدما يحتاج إليه من أخذ ظُفر وشعرٍ , وقطع رائحة كريهة , لاسيما إن كان يقصد مجلس العلم , فإنه مجلس ذكر واجتماع في عبادة ".
" الجامع لأخلاق الراوي وأدب السامع " (1/151) .
" تذكرة السامع والمتكلم " (ص95) .
الحياء المذموم
قال ابن رسلان :
" وإذا قال له الشيخ : هل فهمت ؟ فلم يقل : نعم , إلا وهو فاهم , ولا يستحيي من قوله : لا أدري , أو لا أفهم .
قال مجاهد : " لا يتعلم العلم مستحي ولا مستكبر " .
وقالت عائشة – رضي الله عنها - : " نِعمَ النساءُ نساءُ الأنصار , لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين " .
وقال الخليل :
" منزلة الجهل بين الحياء والأنفة "  .
" فتح الباري " (1/276) .
" آداب المتعلم والعالم " (ص59) .
" آداب طالب العلم " (ص181) .
العلم ثلاثة أشبار
قال ابن جماعة – رحمه الله - :
" العلم ثلاثة أشبار :
- من دخل الشبر الأول تكبر .
- ومن دخل الشبر الثاني تواضع .
- ومن دخل الشبر الثالث علم أنه لا يعلم " .
مراتب العلم
قال ابن القيم – رحمه الله - :
" للعلم ست مراتب :
أولها : حسن السؤال .
والثانية : حسن الإنصات .
والثالثة : حسن الفهم .
والرابعة : الحفظ .
" تذكرة السامع والمتكلم " (ص65) .
والخامسة : التعليم .
والسادسة – وهي ثمرته - : العمل به ومراعاة حدوده " .
جنة العالم
قال الشيخ بكر أبو زيد – حفظه الله - :
" جنة العالم : لا أدري , ويهتك حجابها الاستنكافُ منها , وقوله : يقال , أو سمعت, أو ما شابههما , وإن كان نصف العلم لا أدري , فنصف الجهل : يقال , أو أظن , فانتبه لهذا , وفقك الله ! " .
أعلى الهمم في طلب العلم علم الكتاب والسنة
قال ابن القيم – يرحمه الله - :
" أعلى الهمم في طلب العلم : علم الكتاب والسنة , والفهم عن الله ورسوله نفس المراد , وعلم حدود المنزل .
 " مفتاح دار السعادة " .
" حلية طالب العلم " .
وأخس العلم : قصر همتهم على تتبع شواذ المسائل , وما لم ينزل , ولا هو واقع , أو كانت همتهم معرفة الاختلاف , وتتبع أقوال الناس , وليس لهم همة إلى معرفة الصحيح من تلك الأقوال , وقل أن ينتفع واحد من هؤلاء بعلمه " .
الرحلة للطلب
قال ابن جماعة – رحمه الله - :
" من لم يكن رُحْلةً , لم يكن رُحَلةً " .
ما يميز طالب العلم
قال الخطيب البغدادي – رحمه الله - :
" ينبغي لطالب العلم أن يتميز في عامة أموره عن طرائق العوام باستعمال آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم , ما أمكنه , وتوظيف السنة على نفسه ؛ فإن الله – سبحانه وتعالى–  يقول : {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ }الأحزاب21"  .
" الفوائد " (ص61) .
 " تذكرة السامع والمتكلم " .
" الجامع للخطيب " (ص142) .
العلم بالدُّرية لا بكثرة الرواية
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
" وقد أوعبتُ في كل فن من فنون العلم إيعاباً , من نور الله قلبه هداه بما يبلغه من ذلك , ومن أعماه لم تزده كثرة الكتب إلا حيرة وخبالاً " .
وقال الذهبي عند ترجمته لعثمان الدارمي – رحمهم الله - :
" إن العلم ليس بكثرة الرواية ولكنه نور يقذفه الله في القلب وشرطه : الإتباع والفرار من الهوى والابتداع " .
قال الإمام ابن رجب – رحمه الله - :
" وقد فتن كثير من المتأخرين بهذا , وظنوا أن من كثر كلامه وجداله وخصامه في مسائل الدين فهو أعلم ممن ليس كذلك , وهذا جهل محض , وانظر إلى أكابر الصحابة وعلمائهم: كأبي بكر , وعمر , وعلي ومعاذ وابن مسعود , ويزيد بن ثابت كيف كانوا؟!
كلامهم أقل من كلام ابن عباس , وهم أعلم منه , وكذلك كلام التابعين أكثر من كلام الصحابة , والصحابة أعلم منهم , وكذلك تابعو التابعين كلامهم أكثر من كلام التابعين , والتابعون أعلم منهم .
" مجموعة الرسائل الكبرى " (1/239) .
" السير " (13/323) .
فليس العلم بكثرة الرواية , ولا بكثرة المقال , ولكنه نور يقذف في القلب , يفهم به العبد الحق , ويميز به بينه وبين الباطل , ويعبر عن ذلك بعبارات وجيزة محصلة للمقاصد " .
تعاهد القرآن
عن ابن عمر – رضي الله عنهما – عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا قام صاحب القرآن فقرأه بالليل والنهار ذكره , وإن لم يقم به نسيه " .
تكرار قراءة القرآن يفتح آفاقا من المعرفة
ذكر عباس بن عبد الدائم المعري الكناني – رحمه الله – عن شيخ ضرير أنه أوصاهم فقال:
" أكثر من قراءة القرآن ولا تتركه ؛ فإنه يتيسر لك الذي تطلبه على قدر ما تقرأ " .
قال : " فرأيت ذلك وجربته كثيرا , فكنت إذا قرأت كثيرا تيسر لي من سماع الحديث وكتابته الكثير , وإذا لم أقرأ لم يتيسر لي " .
" بيان فضل علم السلف على علم الخلف " لابن رجب الحنبلي (ص57- 58) .
 رواه مسلم  (6/76) .
 " ذيل طبقات الحنابلة " (2/98) .
الحفظ قليلا قليلا أثبت
قال أبو بكر بن عياش – رحمه الله - :
" قرأت القرآن على عاصم بن أبي النجود , فكان يأمرني أن أقرأ عليه كل يوم آية لا أزيد عليه , ويقول : إن هذا أثبت لك . فلم آمن أن يموت الشيخ قبل أن أفرغ من القرآن فما زلت أطلب إليه حتى أذن لي في خمس آيات كل يوم "  .
السهر في طلب العلم
قال فضيل بن غزوان :
" كنا نجلس أنا وابن شُبرمة والحارث بن يزيد والعلكي والمغيرة والقعقاع بن يزيد بالليل نتذاكر الفقه فربَّما لم نقم حتى نسمع النداء للفجر .