الجمعة، 9 مارس 2012

شرح الأربعين النووية الحديث الأول

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


شرح الأربعين النووية




الدرس الأول :



تقديم للكتاب





البدء في
شرح الحديث الأول





بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، نسأل الله عز وجل أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علمًا، إنه سميعٌ قريب مجيب.





المقدمة :



ما المراد بالحديث، وما المراد بالسنة النبوية،

وهل السنة لا تطلق إلا على ما يُنسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
؟









الحديث أو السنة عند المحدثين: هي ما نُسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خَلْقية أو خُلقية،
وما نُسب إلى غيره أي إلى الصحابة أو إلى التابعين يدخل عند جمهور المحدثين في عموم الخبر أو الأثر.




-القول، وهذا أكثر الأحاديث، أكثر السنة هي من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم، وهي كثيرة منها (إنما الأعمال بالنيات)، (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ)، آلاف مؤلفة من الأحاديث التي تُسمى الأحاديث القولية، أي تلفظ بها النبي صلى الله عليه وسلم.




·أو فعل، الفعل هو أفعال النبي صلى الله عليه وسلم، مثل ما نقل الصحابة في وضوئه عليه الصلاة والسلام، في صلاته، في صيامه، في حجه، في تعامله مع الآخرين، في بيعه وشرائه، فعندما يقول الراوي أو الصحابي كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل كذا وكان كذا، فهذه هي الأفعال.


· أو تقرير، أي أن يقر النبي صلى الله عليه وسلم فعلا، سواءً أقره بقوله، أم لم يقره بقوله، وإنما أقر هذا الفعل، والأحاديث الفعلية والتقريرية أقل من الأحاديث القولية.



·
أو نُسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم





o من صفات خلقية، كان كريمًا، كان جوادًا، كان متواضعًا، عليه الصلاة والسلام.




o أو خلقية، كان طويلا، كان أبيضًا مشروبًا بحمرة، وكان إذا مشى كأنه منحدرٌ من صبب.






وكأني بقائلٍ يقول ما لنا وللصفات الخلقية، ولكن قد يُقتبس منها سنة فعلية، مثل (كان إذا مشى ينحدر من صبب)، فنأخذ صفة المشي للرجل المعتبر، فليست كمشية الرجل الهزيل إذا مشى، بل يمشي منحدرٌ من صبب، لا يلتفت يمنة ولا يسرة، إذًا أخذنا من الصفات الخلقية بعض السنن التي نستفيدها من حياة النبي صلى الله عليه وسلم.



هل بينهما ترادف؟ هل بينهما تطابق ؟






لفظ السنة والحديث مترادفان، فالسنة تساوي الحديث عند المحدثين، لكن السنة تختلف عند الفقهاء، وتختلف عند أهل أصول الفقه، قد ترد عند علماء العقيدة، وكل يستعملها بحسب الاصطلاح الذي يتعامل معه،




فالسنة عند الفقهاء لا ينظرون إليها على أنها أُثرت عن النبي صلى الله عليه وسلم، إنما ينظرون إليها باعتبار أنها حكم تكليفي، فالأحكام التكليفية إما واجب، وإما سنة أي مستحب، أو مباح أو مكروه، أو محرم.





علماء الأصول قريب من المحدثين، يأخذونها باعتبار أنها مصدر تشريع من مصادر التشريع الإسلامي، فعندما نقول المصدر، فالأساس هو الكتاب والسنة، ولذلك لا يدخلون معها الصفات، إنما يقولون ما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير مما يصلح أن يكون دليلا شرعيًّا، لأنهم نظروا إلى أن السنة مصدرًا من مصارد التشريع.



علماء العقيدة إذا قالوا هذا العمل سنة
فإنهم يقصدون أن هذا العمل دل عليه الدليل من القرآن والسنة، فيأخذه علماء العقيدة باعتبار أن السنه البدعة، فليست السنة مجرد ما أُثر عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثلما قال النبي صلى الله عليه وسلم (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ) حتى قال (وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة)، فهنا البدعة مقابل ما قاله في أول الحديث، أي السنة.



نحن نتحدث هنا باعتبار أنها منسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، يعني نأخذها باعتبار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا القول، فعل هذا الفعل، فنستنبط منه ما يدل عليه هذا القول، وما يدل عليه هذا الفعل.
 الحديث الأول
 الحديث الأول
لا عمل إلا بنية





عن أمـيـر المؤمنـين أبي حـفص عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عـليه وسلم يـقـول : ( إنـما الأعـمـال بالنيات، وإنـمـا لكـل امـرئ ما نـوى، فمن كـانت هجرته إلى الله ورسولـه، فهجرتـه إلى الله ورسـوله، ومن كانت هجرته لـدنيا يصـيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه ).


رواه إمام المحدثين: أبـو عـبـد الله محمد بن إسماعـيل ابن إبراهيم بن المغيرة بن بـَرْدِزْبَه البخاري، وأبو الحسـيـن مسلم ابن الحجاج بن مـسلم القـشـيري الـنيسـابـوري في صحيحيهما اللذين هما أصح الكتب المصنفة.

تخريج الحديث :

هذا الحديث كما ذكر الإمام النووي بالنسبة لتخريجه رواه الإمام محمد بن إسماعيل البخاري، ورواه الإمام مسلم، وما رواه البخاري ومسلم فهو صحيح، أجمعت الأمة على قبول كتاب البخاري وكتاب الإمام مسلم، والخلاف عند الأئمة ليس في الصحة، وإنما الخلاف في أيهما يُقدم، ففي السابق عند أهل الشرق يقدم البخاري، وعند المغاربة يٌقدم مسلم، ولذلك الناظم يقول:


تخاصم قومٌ في البخاري ومسلمِ
فقلت لقد فاق البخاري صحةً



وقالوا أي ذين تقدمو
كما فاق في حسن الصناعة مسلمُ

الإمام البخاري فاق الإمام مسلم من حيث قوة الحديث وصحته، أما الإمام مسلم فالسبك والترتيب والتنظيم في التأليف فاق الإمام البخاري.المشارقة نظروا في صحة الحديث، وقوة الحديث، والمغاربة نظروا إلى التنظيم والترتيب؛ ولذلك اعتنوا بصحيح مسلم، وكثير من شراح مسلم هم من المغاربة، وأيضًا شرحه المشارقة. فعلى أي حال كلا الكتابين هما صحيحان.


والأمة تلقت هذين الكتابين بالقبول، فهما أصح الكتب بعد كتاب الله عزّ وجلّ. هل يعني أنهما ذكرا جميع الصحيح؟ أم هناك أحاديث صحيحة لم يذكرها؟ نعم، هناك أحاديث كثيرة لم يذكرها البخاري، ولم يذكرها مسلم، لذلك الإمام البخاري والإمام مسلم لم يشترطا أن يحصرا جميع الأحاديث، إنما وضعوا شروطًا لأحاديثهم، فما وافق هذه الشروط من الأحاديث وضعوه في كتبهم. ونعود ونقول ما رواه البخاري ومسلم فهو صحيحٌ لتلقي الأمة لهذين الكتابين القبول.





ألفاظ الحديث :



إنما: أداة حصر تحصر شيء بشيء، ولذلك حُصرت الأعمال هنا بالنية كما سيأتي.


الأعمال: هل هي جميع الأعمال، أم هي خاصة بالأعمال المشروعة التي يُتقرب بها إلى الله؟


قولان لأهل العلم، والصحيح أنها عامة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال "الأعمال بالنيات"، فاستغرقت "أل" هنا جميع الأعمال، والمراد بالأعمال هنا جزاؤهاصحةً أو فسادًا، ليشمل الأعمال الجائزة وغير الجائزة.


بالنيات :


· النية في اللغة : هي القصد، "نويت أن أسافر إلى مكة" يعني "قصدت السفر إلى مكة"، "نويت أن أصوم" أي "قصدت الصيام".


· أما من حيث الاصطلاح الشرعي فالنية يُراد بها أحد معنيين :


o تمييز العمل بعضه عن بعض، أو تمييز العبادة بعضها عن بعض، مثل الصلاة، كأن أنوي أن أصلي الظهر، أو أن أصلي العصر، إذًا ميزت صلاة الظهر عن صلاة العصر بالنية، كلاهما أربع ركعات، والصفة واحدة.



o تمييز المقصود بالعمل هل هو لله أو لغيره أو لله ولغيره، فمن الناس من يصلي الصلاة طاعة لله عزّ وجلّ، ومنهم من يصلى مجاملة لصديقه، ومنهم كالأطفال يصلون خوفًا من أبائهم. كما في هذا الحديث.


وإنما لكل امرئٍ ما نوى :أن جزاء كل إنسان بحسب نيته.




فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله :

قد يُفهم الكلام على غير ظاهره، لذلك دائمًا النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على ضرب الأمثلة، وقد مثل هنا بعملٍ قائمٍ في وقته، وهذا من بلاغة النبي صلى الله عليه وسلم.



· الهجرة لغةً: هي الانتقال أو الترك.


· الهجرة تدرجت في المعنى الاصطلاحي على ثلاث مراحل:

o المرحلة الأولى: هي الانتقال من مكة إلى المدينة، هذا المعنى انتهى بفتح مكة، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا هجرة بعد الفتح).


o المرحلة الثانية: الانتقال من بلد الشرك أو الكفر إلى بلد الإسلام، وهذا باقي إذا وُجد سببه، يعني الهجرة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام ما نقول واجبة باقية على إطلاقها،

لماذا؟

لأنه قد لا يستطيع أن يهاجر، أو يقيم شعائر دينه في بلده، يقول أنا أستطيع أن أقيم شعائري ولو كان بلد كفر، أستطيع أن أقيم شعائر الدين، أستطيع أن أدعو في بلدي، أستطيع أن أمارس جميع متطلبات حياتي، لا خوف على ديني ولا على أولادي.


o المرحلة الثالثة: هي الانتقال من الذنوب والعاصي إلى الطاعات، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه).
متى تكون الهجرة واجبة ؟


بشرطين :


· إذا خاف المسلم على دينه، أي أن يخاف ألا يقيم شعائر دينه، فلا يستطيع أن يصلي، أو أن يصوم،أو أن يزكي.


· أن يستطيع الهجرة، أما إذا لم يستطع فلا تكليف بما لا يُستطاع، لا يُكلف الله نفسًا إلا وُسعها، الله سبحانه وتعالى لا يُحاسب إلا على المقدور.


من كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، العادة في الكلام العربي أن الشرط غير الجزاء، من فعل هذا الفعل أكافئه بهذه المكافأة، لا أقول من دخل هذا المكان فقد دخل هذا المكان،


فلماذا كان هنا؟


الجزاء قد يكون ظاهرًا في اللفظ، وقد يكون في المعنى، وهنا هو في المعنى، (من كانت هجرته إلى الله ورسوله) الشرط واضح، الجزاء ثوابه على الله ورسوله، إذًا معنى (فهجرته إلى الله ورسوله) أي ثوابه وجزاؤه على الله ورسوله.


ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أي للحصول على المال.


أو امرأةٍ ينكحها، أي أنه سيهاجر ليتزوج فلانة من الناس،


فهجرته إلى ما هاجر إليه، أي فجزاؤه أن يُحصِّل ما أراد بهذه الهجرة.


سبب ورود الحديث
:


وقد ذكر البعض أن هذا الحديث له سبب، وهو ما رواه بعض أهل العلم أن رجلا من الأعراب هاجر مع النبي صلى الله عليه وسلم، ليخطب امرأةً ويريد أن يتزوج بها، وهي أم قيس، فقيل له مهاجر أم قيس، ولذلك ذكر النبي صلى الله عليه وسلم (فمن كـانت هجرته إلى الله ورسولـه؛ فهجرتـه إلى الله ورسـوله، ومن كانت هجرته لـدنيا يصـيبها أو امرأة ينكحها؛ فهجرته إلى ما هاجر إليه)، فقيل إن سبب هذا الحديث هو مهاجر أم قيس، أنه هاجر ليس من أجل الهجرة ذاتها، وإنما من أجل أن يتزوج أم قيس، لكن هذا لم يصح إسنادًا، كما ذكر الحافظ ابن رجب رحمه الله "تتبعته فلم أجد له أصلا".


أهمية الحديث:


هذا الحديث له أهمية كبرى، تكلم عنها علماء الإسلام وأئمة الدين كلامًا كثيرًا، من ذلك يقول الإمام الشافعي رحمه الله "هذا الحديث ثلث العلم، ويدخل في سبعين بابًا من أبواب الفقه"، والإمام أحمد بن حنبل يقول "أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث"، وذكر منها هذا الحديث، وحديث البدعة، وحديث (الحلال بين والحرام بين).


ومن أهمية هذا الحديث أن إمام المحدثين الإمام البخاري رحمه الله صدّر به كتابه، وجعله أول حديث، رغم أنه في الظاهر لا ينتمي إلى الباب المصدر، وهو باب بدء الوحي، وذكر حديث (
إنما الأعمال بالنيات )، دلالةً على أن هذا العلم، الذي هو علم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتاج إلى نية، وأن كل عمل يحتاج إلى نية.


وقد تبع الإمام البخاري كثيرٌ من أهل العلم، ومنهم الإمام النووي رحمه الله، فقد صدر أيضًا هذه الأربعين بهذا الحديث العظيم، فهو في مقام المقدمة أو في مقام الحاجة، لبيان أن كل عمل لا يمكن أن يقوم إلا على نية صالحة، فيرجو هذا المؤلف كما يرجو المؤلف من كل قارئ أن تصلح نيته لهذا العمل.
مسائل الحديث:

المسألة الأولى :


رتب الرسول صلى الله عليه وسلم الأعمال على النية، فلا تصح إلا بنية، ولا تكون كاملةً إلا بينة، ولا تكون مقبولة عند الله إلا بنية، فيدل هذا الحديث على أهمية النية في دين الله عزّ وجلّ.


المسألة الثانية:


أن جزاء أعمال الإنسان بحسب نيته، فهذا الذي أتى إلى المسجد وصلى أو المرأة التي صلت في بيتها، إن كانت نيته طاعة لله عزّ وجلّ ورجاءً لثوابه سبحانه وتعالى، فهذا يحصل على جزاء نيته، والآخر صلى ليُقال مُصلي، فهذا جزاء أن يُقال مصلى، لا يُثاب في الآخرة لأنه نال جزاءه أن يُقال مُصلي، والآخر صلى مجاملة لصديقه، فصلى وجامل صديقه وانتهى الأمر على ذلك، وآخر يقرأ القرآن ويأم الناس، ويريد أن يستمتع الناس بقراءته ويخشعوا ويقصد بهذا أن يرشد الناس إلى الصلاة الصحيحة؟ فهذا نيته أن يُثاب على هذا العمل، وآخر صلى وقرأ وجمل صوته ليُقال قارئ، أو يُقال هذا صوته جميل وصوته رنان وصوته خاشع، يريد أن يستمع إلى هذا الكلام فقط، فهذا جزاؤه أن يُقال قارئٌ ما أحسن صوته... إلخ، فهل يُجازى عند الله تبارك وتعالى على هذه النية؟ لا يُجازى، إذًا المجازاة على العمل بحسب نية الإنسان، فالأعمال بنية صاحبها.


المسألة الثالثة :


تنبني على المسألة الثانية، وهي مسألة في غاية الأهمية، الأعمال أنواع، هناك أعمال يفعلها الإنسان، وهناك أعمال يتركها الإنسان، والأعمال التي يعملها الإنسان منها الواجب الذي يجب عليه أن يعمله، ومنها المباح، الأعمال الواجبة عرفنا أنه يجب أن يعملها ولا يُثاب عليها إلا إذا كانت نية صاحبها طاعةً لله عزّ وجلّ، أما الأعمال المباحة وهي كثيرة، مثل النوم والأكل والشرب والسمر مع الأهل والسمر مع الأصدقاء والزملاء والسفر، حتى السفر للسياحة، كل هذه أعمال مباحة، هل هذه الأعمال يؤجر عليها الإنسان أو لا يؤجر؟ قد يؤجر عليها الإنسان بحسب نيته، وقد لا يؤجر ولا يعاقب بحسب نيته، وقد يُعاقب عليها بحسب نيته.


هل نحن مُتعبدون بالسنن الجبلية؟



هذا فيه تفصيل، السنن الجبلية يعني الطبيعية الخلقية للرسول صلى الله عليه وسلم فيها تفصيل، إذا قرنها قول أو فعل فهذا يبقى سنة ومُتعبد بها ومن فعلها فقد أُجر، وبحسب القول، فقد يكون واهمًا، مثلما حج النبي صلى الله عليه وسلم فقال ( خذوا عني مناسككم )، فهذا يبقى واجب، أما إذا قصد بالسنن الطبيعية الخلقية في خلقه، كأن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أطال الشعر، هذا أمر عادة، ما صاحبه قول، ما قال: من أطال شعره فقد كذا، ولم يصاحبه إنكار على من حلق رأسه، في الوقت نفسه دل الدليل على أنه يجوز حلقه، كما في الحج، وكل هذا أعطانا أن إطالته عادة كانت موجودة في ذلك الوقت، لا يعني أن يبقى سنة.


قد يقول قائل أنا أطيله لأجل النبي صلى الله عليه وسلم، نقول نرجو أن تؤجر على نيتك، لكن لا يُتعبد الناس بهذا، ومثله لبس خاتم الفضة للرجال، النبي صلى الله عليه وسلم لبس الخاتم، لكن من كان في مقام النبي صلى الله عليه وسلم يلبس الخاتم، ما نقول نتعبد الجميع بلبس الخاتم، هذه عادة، فلو قارنها إنكارٌ لمن لم يلبس لأصبحت سنة، فلا نُتعبد بهذا.


كيف نرد على من ينكر حجية النسة بالقرآن؟


هذا موضوع طويلٌ، ويحتاج إلى حلقة كبيرة وخاصة، لكن يكفي لمن ينكر حجية السنة أن يقرأ كتاب الله عزّ وجلّ :


﴿ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾
[الحشر: 7] .


﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾ [النساء: 80] .


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾
[النساء: 59] .

آيات كثيرة، أكثر من أن تُحصر في الأمر باتباع النبي صلى الله عليه وسلم،

﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [الأحزاب: 63]،


الذين يخالفون أمر من؟

أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فالذي ينكر حجية النبي صلى الله عليه وسلم إنكارًا كليًّا أو حتى إنكارًا جزئيًّا عليه خطرٌ كبير في دينه، لا يمكن أن يستقيم هذا الدين إلا بأن يمشي القرآن مع السنة والسنة مع القرآن، فهما صنوان لا ينفكان عن بعضهما.

هل هناك سبب بخلاف الاقتداء بكتب السنة جعل الإمام النووي يبتدئ كتابه بحديث النية؟


قلنا إن الإمام النووي جمع أحاديث كليات وقواعد الدين، وحديث
( إنما الأعمال بالنيات ) من أهم قواعد الدين، وعلماء الفقه كما سيأتينا استنبطوا قواعد شرعية من أعظم القواعد الشريعة، الأمور بمقاصدها، فقاعدة الأمور بمقاصدها مبنية على هذا الحديث.



هذا، والحمد لله رب العالمين.

و الى درس جديد بإذن الله
رد مع اقتباس
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق