الأربعاء، 28 مارس 2012

الحديث الثامن عشر: الخلق الحسن

بســم الله الرحــمن الرحـــيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شرح حديث   الخلق الحسن


عن أبي ذرٍّ جُندُبِ بنِ جُنَادَةَ وأبي عبدِ الرَّحمنِ مُعاذِ بنِ جبلٍ رضِي اللهُ عَنْهُما، عن رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: { اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ }
رواه التِّرمذيّ، وقالَ حديثٌ حَسَنٌ. وفي بعضِ النُّسَخِ حسنٌ صحيحٌ.

 الشرح
قوله: { اتق الله } فعل أمر من التقوى وهو اتخاذ وقاية من عذاب الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه فهذا هو التقوى وهذا هو أحسن حد قيل فيها.
وقوله: { اتق الله حيثما كنت } في أي مكان كنت، فلا تتقي الله في مكان يراك الناس فيه، ولا تتقيه في مكان لا يراك فيه أحد، فإن الله تعالى يراك حيثما كنت فاتقه حيثما كنت.
وقوله: { وأتبع السيئة الحسنة } يعني اعل الحسنة تتبع السيئة، فإذا فعلت سيئة فأتبعها بالحسنة ومن ذلك - أي إتباع السيئة بالحسنة - أن تتوب إلى الله من السيئة فإن التوبة حسنة.
وقوله: { تمحها } يعني الحسنة إذا جاءت بعد السيئة فإنها تمح السيئة ويشهد لهذا قوله تعالى: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ [هود:114].
وفي هذا الحديث من الفوائد: حرص النبي على أمته بتوجيههم لما فيه الخير والصلاح، ومنها وجوب حرص تقوى الله عزوجل في أي مكان كان ومنها وجوب التقوى في السر والعلن، لقوله : { اتق الله حيثما كنت }.
ومن فوائد هذا الحديث: الإشارة إلى السيئة إذ اتبعها الحسنة إذا اتبعتها الحسنة فإنها تمحوها وتزيلها بالكلية، وهذا عام في كل حسنة وسيئة إذا كانت الحسنة هي التوبة، لأن التوبة تهدم ما قبلها، أما إذا كانت الحسنة غير التوبة وهو أن يعمل الإنسان عملاً سيئاً ثم يعمل عملاً صالحاً فإن هذا يكون بالموازنة فإذا رجح العمل السيئ زالأُره كما قال تعالى: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ [الأنبياء:47] ثم قال: { وخالق الناس بخلق حسن } عاملهم بالأخلاق الحسنة بالقول والعمل، فإن ذلك خير وهذا الأمر، إما على سبيل الوجوب وإما على سبيل الاستحباب.
فيستفاد منه: مشروعية مخالفة الناسب الخلق الحسن وأطلق النبي كيفية المخالفة، وهي تختلف بحسب أحوال الناس فقد تكون حسنة لشخص، ولا تكون حسنة لغيره، والإنسان العاقل يعرف ويزن.
 إعراب الحديث :


{ اتق } : فعل أمر مبني على حذف حرف العلة والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت . {الله} : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة . {حيثما} : أداة شرط جازمة تفيد المكان . { كنت } : كان فعل ماضٍ ناقص يرفع المبتدأ وينصب الخبر ، التاء ضمير متكلم مبني على الضم في محل رفع اسم كان . والجملة في محل جزم اسم الشرط ، وجوابه محذوف د ل عليه ما قبله . أي : حيثما كنت فاتق الله ، والواو حرف عطف . { أتبع } : فعل أمر مبني على السكون وحُرك بالكسر لالتقاء الساكنين ، والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت . {السيئة } : . مفعول به أول منصوب وعلامة نصبه الفتحة { الحسنة } : مفعول ثانٍ منصوب وعلامة نصبه الفتحة . { تمحها } : فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب وعلامة جزمه حذف حرف العلة . { و } : حرف عطف خالق . فعل أمر مبني على السكون . والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت . { الناس} : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره . { بخلق } : { الباء } : حرف جر خلق اسم مجرور وعلامة جره الكسرة . { حسن } : صفة مجرورة ، وجملة الصفة والموصوف في محل نصب حال أي خالق الناس متعاملاً معهم بإحسان .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق