الجمعة، 9 مارس 2012

شرح الأربعين الحديث الثاني

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحديث الثاني

مراتب الدين

الإسلام و الإيمان والإحسان



عن عمر رضي الله عنه أيضا ، قال: بينما نحن جلوس عـند رسـول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، لا يُرَى عليه أثـر السفر ولا يعـرفه منا أحـد، حتى جـلـس إلى النبي صلي الله عليه وسلم- فـأسند ركبـتيه إلى ركبتـيه ووضع كفيه على فخذيه، وقـال: " يا محمد أخبرني عن الإسلام، فقـال رسـول الله صـلى الله عـليه وسـلـم: (الإسـلام أن تـشـهـد أن لا إلـه إلا الله وأن محـمـد رسـول الله، وتـقـيـم الصلاة، وتـؤتي الـزكاة، وتـصوم رمضان، وتـحـج البيت إن اسـتـطـعت إليه سبيل)، قال: صدقت، فعجبنا له يسأله ويصدقه، قال: فأخبرني عن الإيمان، قال: (أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره)، قال: صدقت، قال: فأخبرني عن الإحسان، قال: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)، قال: فأخبرني عن الساعة، قال: (ما المسؤول عنها بأعلم من السائل)، قال: فأخبرني عن أمارتها، قال: (أن تلد الأمَةُ ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان)، ثم انطلق، فلبثت مَلِيَّا، ثم قال: (يا عمر أتدري من السائل؟)، قلت: الله ورسوله أعلم، قال: (فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم)



[رواه مسلم]
شرح الحديث




تخريج الحديث:




هذا الحديث بهذه الألفاظ رواه الإمام مسلم رحمه الله وعرفنا أن ما رواه البخاري أو ما رواه مسلم فهو صحيح، لأن الأمة تلقت هذين الكتابين بالقبول.




الفاظ الحديث:





رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر: أي حسن الهيئة.

لا يري عليه أثر السفر: مع أنه غريب.

فأسند ركبتيه إلى ركبتيه: أي وضع جبريل عليه السلام ركبتيه إلى ركبتي النبي صلى الله عليه وسلم.

ووضع كفيه على فخذيه: فخذيه هو أي جبريل عليه السلام.

أخبرني عن الإسلام: لم يجبه عن حقيقة الإسلام وإنما أجابه بأركان الإسلام.

فأخبرني عن الإيمان: لم يجبه عن حقيقة الإيمان لكن النبي صلى الله عليه وسلم أجاب بأركان الإيمان.




الإيمان:



· في اللغة: هو التصديق.

· وفى الاصطلاح الشرعي: هو قول باللسان، وتصديق بالجنان، وعمل بالجوارح والأركان، يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان.





الإيمان بالله: أي الإيمان بوجود الله، الإيمان بربوبية الله، الإيمان بألوهية الله، الإيمان بما لله جل وعلا من أسماء وصفات، ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾[الشورى:11].





·الإيمان بربوبية الله: أي الإيمان بالله رباً، بأن يوحد الله بأفعاله، بأنه الرب الخالق المالك المتصرف الرازق.





· الإيمان بألوهية الله: بأن يوحد العبد ربه جل وعلا بأفعال العبد، فلا يصلى إلا لله ولا يزكي إلا لله، ولا يذبح إلا لله، ولا ينذر إلا لله، ولا يستغيث إلا بالله، ولا يرجو إلا الله.





· والإيمان بأن لله أسماء وصفات حسنى جمعت صفات الكمال والجمال والجلال، بأن له سبحانه وتعالى أسماء حسنى وصفات علا، يجمع هذه الأسماء قوله تعالى


﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾،


ما
أثبته لنفسه وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم نثبته، وما لم يثبته الله ولا رسوله لله عزّ وجلّ فلا نثبته، ولكن لا نكيفه، ولا نشبهه بأحد من خلقه، فلا نعطل المعنى ولا نحرف المعنى ولا نؤول المعنى.





الإيمان بملائكته: نؤمن بأن لله ملائكة على الصفات الواردة في كتاب الله، وفى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.







الإيمان بالرسل: بأن الله أرسل رسلاً إلى خلقه جل وعلا ينذرونهم ويبشرونهم، نؤمن تفصيلاً بما وردت أسمائهم في القرآن، أو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ونؤمن إجمالاً بأن هناك رسل أرسلهم الله، وأن خاتمهم هو محمد صلى الله عليه وسلم ولا نبي بعده وهو أفضل الرسل، وشريعته أفضل الشرائع وخاتمة الشرائع، ولا يسعد الإنسان في الدنيا ولا في الآخرة إلا باتباع رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.





الإيمان بكتبه: بأن لله كتب أنزلها على خلقه، كما قلنا في الإيمان بالرسل ما كان تفصيلاً نؤمن به تفصيلاً، وما كان إجمالاً وما لم يرد تفصيلاً نؤمن به إجمالاً، وأن آخرها القرآن ولا يجوز الإيمان والعمل بغير القرآن.







الإيمان باليوم الآخر: اليوم الآخر يبدأ من حقيقة الموت إلى أن يدخل الناس الجنة أو النار، بما يمرون به من مراحل القبر، وما يمرون به من البعث والنشور، والميزان واستلام الكتب، والصراط، والقنطرة قبل الجنة والنار، ثم دخول الجنة، أو دخول النار، والعياذ بالله.





الإيمان بالقدر: بأن كل شيء تم بعلم الله جل وعلا، وبأنه مكتوب عند الله، وأن الله شاءه سبحانه وتعالى وأوجده بهذا الترتيب، الإيمان بالقدر بأن الله علم الأشياء قبل وقوعها، وقبل وجودها وأن الله سبحانه وتعالى كتبها عنده في اللوح المحفوظ قبل أن يُخلق الناس كلهم، ثم شاءها سبحانه وتعالى ثم أوجدها وخلقها، نؤمن بأنه لا يحدث شيئ في هذا الكون، من صغير ولا من كبير إلا وقد كان مكتوباً عند الله سبحانه وتعالى.
 الإحسان : هو الإتقان، وهنا عبّر عنه قال: أن تعبد الله كأنك تراه ، أي أن تستشعر رؤيتك لله عزّ وجلّ فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وكلاهما في مرتبة الإحسان، فهو مرحلتان:



·
الأولى أن تعبد الله كأنك تراه وهي أعظم.
· الثانية فإن لم تكن تراه فإنه يراك.



ثم قال: فأخبرني عن الساعة، قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل ، أي أن هذا السؤال لا فائدة فيه، فالإنسان سيأتيه يومه ويموت.


أماراتها : علاماتها.

أن تلد الأمة ربتها :

الأمة هي الرقيقة التي تسبى في الحروب بين المسلمين والكفار عندما تؤخذ كغنيمة، ولكن كيف تلد الأمة سيدتها ؟

الأمة يجوز لسيدها أن ينكحها، فإذا حملت هذه الأمة وولدت بنتاً، تكون هذه البنت بنت من السيد، فتكون سيدة، وتكون سيدة لأمها، فأمها لا زالت أمة لم تتحرر، لكن البنت حرة لأنها بنت السيد، وهذا لا يحبذه الإسلام، ومن المستحب أن تعتق هذه السيدة حتى لا تكون هناك فوارق طبقية.


الحفاة : الغير منتعلين.
العراة : الغير لابسين.
رعاء الشاة : الذين همهم رعي الغنم.

يتطالون في البنيان :

أي أن المدنية أثرت عليهم ، وأصبحوا يتنافسون في الدنيا مع أن حالتهم لا تسمح بذلك، ولكن انتقل الهم إلى المنافسة في أمور الدنيا، من أهل العلم من قال: هذا اللفظ على ظاهره التطاول في البنيان نفسه، أو أن هذا كناية عن التنافس في أمور الدنيا.



فلبثت ملياً: أي قليلاً ذهب الرجل.






انتهى درس اليوم

و لنا لقاء آخر مع درس جديد بإذن الله
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق