السبت، 10 مارس 2012

شرح الأربعين الحديث الـثـالـث أركان الإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الحديث الـثـالـث
أركان الإسلام


عن أبي عـبد الرحمن عبد الله بن عـمر بـن الخطاب- رضي الله تعالى عـنهما- قـال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسـلم- يقـول بـني الإسـلام على خـمـس : شـهـادة أن لا إلـه إلا الله وأن محمد رسول الله، وإقام الصلاة، وإيـتـاء الـزكـاة، وحـج البيت، وصـوم رمضان ) [رواه البخاري ومسلم].


شرح الحديث


تخريج الحديث:

هذا الحديث هو حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أخرجه البخاري ومسلم، وهو حديث متفق عليه، وعرفنا أن الحديث المتفق عليه هو ما رواه البخاري ومسلم عن طريق صحابي واحد، ولو اختلف اللفظ مادام أن المعنى واحد.



نلاحظ في هذا الحديث أنه قدم الحج على صوم رمضان، وهذه إحدى الرويات، وهناك رواية أخرى فيها تقديم صوم رمضان على الحج، وهذا التقديم يدل على دقة نقل الصحابة رضوان الله عليهم لكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا ضير في هذا التقديم، لأن هذين الركنين كلاهما ركنٌ من أركان الإسلام.



الفاظ الحديث:


بني الإسلام
: "بني" فعلٌ ماضي مبني للمجهول، و"الإسلام" نائب فاعل، وبُني معناها أسس، أسس الإسلام، أي أن الإسلام يقوم على أسس، هذه الأسس هي الأسس الخمسة.


خمس
: والمقصود خمس دعائم أو خمس أسس.


شـهـادة أن لا إلـه إلا الله
: إذا قلنا "شهادةِ" بالجر، معناها من جهة الإعراب بدل من "خمسٍ"، ويجوز أن نقول "شهادةُ" على الاستئناف، يعني "هي شهادةُ"، خبر لمبتدأ محذوف،
الشهادة في الأصل هي التصديق، والمراد هنا بالشهادة الإقرار والتصديق مع القيام بحقها، ما الدليل على قولنا مع القيام بحقها؟ الدليل على ذلك عندما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذًا إلى اليمن فقال ( إنك تقدم على قوم أهل كتاب، فإذا جئتهم فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لك بذلك )، فالطاعة هنا تعني الانقياد والاستسلام مع الإقرار والقيام بمقتضاها.


( شهادة أن لا إله إلا الله )، "لا إله" كما قال أهل العلم، لا نافية، تنفي جميع الآلهة، "إلا الله"، و"إلا الله" استثنى من هذا النفي، فمعناه أن نثبت أن هناك آلهة هو الله سبحانه وتعالى، لكن قال أهل العلم هنا أنها لا معبود بحق إلا الله، لماذا أتينا بحقٍ هذه؟ لأنه يوجد آلهة، فليس المقصود نفي وجود الآلهة، فالآلهة موجودة، الناس مع طول الزمان يعبدون غير الله، إذًا فالمقصود بـ "لا إله إلا الله" أي لا معبود بحق إلا الله سبحانه وتعالى.


( وأن محمدًا رسول الله )، هذا إثباتٌ لرسالة النبي صلى الله عليه وسلم أنه مرسلٌ من عند الله، هذا الإثبات يعني عدة أمور:



· الأول التصديق بنبوة محمدٍ صلى الله عليه وسلم ورسالته وأنه نبيٌّ مرسل من عند الله عزّ وجلّ.



· الثاني تنفيذ أوامر رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.




· الثالث اجتناب ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.




· الرابع التصديق بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم.




· الخامس أن لا يُعبد الله إلا بما شرع عليه الصلاة والسلام.




·
السادس محبته عليه الصلاة والسلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به)، وفي حديث عمر قال: "والله إنك أحب إلي يا رسول الله إلا من نفسي"، قال ( لا يا عمر، حتى من نفسك )، قال: والله إنك أحب إلي حتى من نفسي، قال ( الآن يا عمر )، إذًا مقتضى أن تشهد أنه رسول الله عليه الصلاة والسلام، أن تحبه وأن تقدم محبته عليه الصلاة والسلام على محبة الوالد والنفس والناس أجمعين.



( وإقام الصلاة
لماذا لم يقل "وأن تؤدي الصلاة"؟ لأن إقام الصلاة غير تأديتها، قد يؤديها الإنسان، ولكن قد يخل بها،فلابد وأن يقيمها، وإقامتها بمعنى أن تقيمها بشروطها وأركانها وواجباتها وتؤديها في وقتها، ثم ما يستطيع الإنسان من المستحبات التي تفعل في الصلاة.
الصلاة في الأصل هي الدعاء، وهي في الاصطلاح الشرعي المقصود هي: أقوالٌ وأفعالٌ يُتعبد الله بها، تفتتح بالتكبير وتُختتم بالتسليم.


( وإيـتـاء الـزكـاة
الإيتاء أي الإعطاء، والزكاة في الأصل هي النماء والزيادة والتطهير، "زكّى" أي نمى وطهر وزاد، ﴿ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ﴾ [النجم: 32]، أي فلا تطهروها، وزكى الزرع إذا نمى.
والزكاة في الاصطلاح ما هي؟ حق مخصوص في مال مخصوص، حق مخصوص الذي هو النسبة المعلومة التي يخرجها المزكي من ماله لطائفة مخصوصة، ليس لكل الناس وإنما للطائفة التي بينها الله سبحانه وتعالى بقوله ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ .... ﴾ [التوبة:60].

( وحجُ البيت )، الحج في الأصل اللغوي هو القصد، والحج في الاصطلاح هو قصد بيت الله الحرام في مكة لأداء أعمالٍ مخصوصة، وبعض أهل العلم يقولون قصد مكة للطواف والسعي والرمي والمبيت بمزدلفة ومنًى والوقوف بعرفة، لكن عندما نقول لأعمالٌ مخصوصة أي لأعمال الحج، فنقول: قصد مكة لعمل مخصوص في زمن مخصوص، والزمن المخصوص هو زمن أيام الحج، وحج البيت المقصود بيت الله الحرام الذي هو الكعبة.


( وصوم رمضان
الصوم في اللغة الإمساك، والصوم في الاصطلاح هو إمساكٌ عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، وقلنا طلوع الفجر الثاني، لأن هناك فجرٌ أول، والفجر الأول يُسمى الفجرٌ الكاذب، وهو الذي يطلع من جهة الشرق على شكل عمود رأسي، أما الفجر الثاني الذي يسمى الفجر الصادق يخرج على شكل أفقى، يعم الأفق من جهة الشرق، وبينهما ما يقارب الساعة، ويختلف باختلاف طول الليل وقصره، ولكنه في الغالب في حدود ساعة زمنية، فالمقصود هنا الفجر الصادق، وغروب الشمس يكون بغياب قرص الشمس، وليس بغياب الشفق أي الحمرة، لأن الحمرة تأخذ وقت يختلف أيضًا من طول الليل وقصره، أحيانًأ نصف ساعة، وأحيانًا ساعة إلا ربع، وأحيانًا ساعة، المهم أنه من غياب القرص في الأرض المستوية، مادام غرب القرص عن الأنظار في الأرض المستوية فقد غابت الشمس وأفطر الصائم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا أدبر النهار من ها هنا وأقبل الليل من ها هنا فقد أفطر الصائم ). 
 الاقصى -4-



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق