السبت، 31 مارس 2012

الحديث السابع والعشرون من أحاديث الأربعين النووية

بســم الله الرحــمن الرحـــيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  الأربعون النووية
 الحديث السابع والعشرون: تعريف البر والإثم

عن النَّوَّاسِ بنِ سِمْعانَ رَضِي اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: {الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ , وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي نَفْسِكَ وَكَرِهْتَ أنْ يَطَّلِعَ عليْهِ النَّاسُ}.
وعن وابِصَةَ بنِ مَعْبَدٍ رَضِي اللهُ عَنْهُ قالَ:( أتيتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقالَ: { جِئْتَ تَسْأَلُ عَنِ الْبِرِّ } قُلْتُ: نَعَمْ.
قالَ: { اسْتَفْتِ قَلْبَكَ؛ الْبِرُّ مَا اطْمَأنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَاطْمَأنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ، وَالإِثْمُ مَا حَاكََ فِي النَّفْسِ وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ}
). حَديثٌ حَسَنٌ رُوِّينَاهُ في مُسْنَدَيِ الإمامَيْنِ أحمدَ بنِ حَنْبَلٍ والدَّارِمِيِّ بإسنادٍ حَسَنٍ.



عن النواس بن سمعان عن النبي قال: { البر حسن الخلق } البر كلمة تدل على الخير وكثرة الخير، وحسن الخلق يعني أن يكون الإنسان واسع البال منشرح الصدر والسلام مطمئن القلب حسن المعاملة، فيقول عليه الصلاة والسلام: { إن البر حسن الخلق } فإذا كان الإنسان حسن الخُلق مع الله ومع عباد الله حصل له الخير الكثير وانشرح صدره للإسلام واطمأن قلبه بالإيمان وخالق الناس بخلق حسن، وأما الإثم فبيّنه النبي عليه الصلاة والسلام بأنه: { ما حاك في نفسك } وهو يخاطب النواس بن سمعان، والنواس ابن سمعان صحابي جليل فلا يحيك في نفسه ويتردد في نفسه ولا تأمنه النفس إلا ما كان إثماً ولهذا قال: { ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس } وأما أهل الفسق والفجور فإن الآثام لا تحيك بنفوسهم ولا يكرهون أن يطلع عليها الناس بل بعضهم يتبجح ويخبر بما يصنع من الفجور والفسق، ولكن الكلام مع الرجل المستقيم فإنه إذا هم بسيئة حاك ذلك في نفسه وكره أن يطلع الناس على ذلك، وهذا الميزان الذي ذكره النبي عليه الصلاة والسلام إنما يكون مع أهل الخير والصلاح.
ومثل الحديث عن وابصة بن معد قال: أتيت النبي فقال: { جئت تسأل عن البر؟ } قلت: نعم، قال: { استفت قلبك } يعني لا تسأل أحداً واسأل قلبك واطلب منه الفتوى { البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب }، فمتى وجدت نفسك مطمئنة وقلبك مطمئن إلى شيء فهذا هو البر فافعله { والإثم ما حاك نفسك } في النفس وتردد في الصدر، فإذا رأيت هذا الشيء حاك في نفسك وتردد في صدرك فهو إثم، قال: { وإن أفتاك الناس وأفتوك } يعني إن أفتاك الناس بأنه ليس فيه إثم وأفتوك مرة بعد مرة، وهذا يقع كثيراً تجد الإنسان يتردد في الشيء ولا يطمئن إليه ويتردد فيه ويقول له الناس: هذا حلال وهذا لابأس به، لكن لم ينشرح صدره بهذا ولم تطمئن إليه نفسه فيقال: مثل هذا إنه إثم فاجتنبه.
ومن فوائد هذا الحديث والذي قبله: فضيلة حسن الخلق حيث فعل النبي حسن الخلق هو البر.
ومن فوائده أيضاً: أن ميزان الإثم أن يحيك بالنفس ولا يطمئن إليه القلب.
ومن فوائده: أن المؤمن يكره أن يطلع الناس على عيوبه بخلاف المستهتر الذي لا يبالي، فإنه لا يهتم إذا اطلع الناس على عيوبه.
ومن فوائدها: فراسة النبي حيث أتى إليه وابصة فقال: { جئت تسأل عن البر ؟ }.
ومن فوائدها: إحالة حكم الشيء إلى النفس المطمئنة التي تكره الشر وتحب الخير، لقوله: { البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب }.
ومن فوائد الحديثين أيضاً: أن الإنسان ينبغي له أن ينظر إلى مايكون في نفسه دون ما يفتيه الناس به فقد يفتيه الناس الذين لا علم لهم بشيء لكنه يتردد فيه ويكرهه فمثل هذا لا يرجع إلى فتوى الناس وإنما يرجع إلى ما عنده.
ومن فوائدهما: أنه متى أمكن الاجتهاد فإنه لايعدل إلى التقليد لقوله: { وإن أفتاك الناس وأفتوك }.

 (477 كلمة)


 إعراب الحديث :
{ البر } : مبتدأ مرفوع علامة رفعه الضمة . { حُسن } : خبر مرفوع وهو مضاف . { الخلق } : مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة . {و} : حرف استئناف . {الإثم } : مبتدأ مرفوع علامة رفعه الضمة . { ما } : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر ، والجملة ابتدائية لا محل لها من الإعراب . {حاك } : فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره هو . والجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب . { في نفسك } : في حرف جر نفس اسم مجرور وعلامة جره الكسرة ، وهو مضاف . الكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر بالإضافة . { وكرهت } : { و } : حرف عطف . {كره } : فعل ماضٍ مبني على السكون ؛ لاتصاله بتاء الفاعل. التاء ضمير متكلم مبني على الفتح في محل رفع فاعل . {أن} : مصدرية ناصبة تنصب الفعل المضارع . { يطلع } : فعل مضارع منصوب علامة نصبه الفتحة ، ويؤول بمصدر (اطلاع ) مفعول به . { عليه } : جار ومجرور متعلقان بــ يطلع . {الناس} فاعل مرفوع علامة رفعه الضمة .
* حديث وابصة رضي الله عنه :
{ قال } : سبق إعرابها . { أتيت } : إعرابها إعراب كرهت . { رسول } : مفعول به منصوب علامة نصبه الفتحة ، وهو مضاف . { الله } مضاف إليه مجرور علامة جره الكسرة . صلى الله عليه وسلّم سبق إعرابها . { فقال } : {الفاء} : حرف عطف { قال } : تكرر إعرابها . {جئت} : إعراب أتيت. {تسأل} : فعل مضارع مرفوع علامة رفعه الضمة ، والفاعل مستتر وجوباً تقديره أنت والجملة في محل نصب حال . { عن } حرف جر {البر} اسم مجرور علامة جره الكسرة . {قلت} : إعراب أتيت نعم حرف جواب {قال} : سبق إعرابها . {استفتِ } : فعل أمر مبني على حذف حرف العلة . والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت . {قلبك} : { قلب } : مفعول به منصوب علامة نصبه الفتحة ، وهو مضاف . { الكاف } : ضمير مخاطب مبني على الفتح في محل جر بالإضافة . { البر } : مبتدأ . { ما } : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر . { اطمأنت } : فعل ماضٍ مبني على الفتح والتاء للتأنيث والجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب . { إليه } : إلى حرف جر . { الهاء } ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر . والجار والمجرور متعلقان باطمأن . {النفس} : فاعل مرفوع علامة رفعه الضمة. {واطمأن} : { و } :حرف عطف اطمأن فعل ماضٍ مبني على الفتح إليه كما سيق القلب يعرب إعراب النفس . {والإثم ما حاك } : تعرب إعراب الأولى . { في النفس } : جار ومجرور متعلقان بحاك . { و } : حرف عطف . { تردد } : فعل ماضٍ مبني على الفتح . { 
 } : جار ومجرور متعلقان بـ تردد . { و } : حرف عطف . { إن } : أداة شرط جازمة . {أفتاك} : { أفتى } : فعل ماضٍ مبني على فتح مقدر منع من ظهوره التعذر . {الكاف} : ضمير خطا ب مبني على الفتح في محل نصب مفعول به . { الناس } : فاعل مرفوع علامة رفعه الضمة . وحرف عطف . { أفتوك } : أفتى فعل ماضٍ مبني على الفتح . { الواو } : ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل . وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق