الأربعاء، 28 مارس 2012

الحديث التاسع عشر من أحاديث الأربعين النووية

بســم الله الرحــمن الرحـــيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحديث التاسع عشر من أحاديث الأربعين النووية


عَن أَبِي العبَّاسِ عبْدِ الله بنِ عَبّاسٍ رَضِي اللهُ عَنْهُما قالَ كُنْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، فَقَالَ: { يَا غُلاَمُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ؛ احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ، وَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ}. رواه التِّرمذيُّ، وقالَ:حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
وفي روايةِ غيرِ التِّرمذيِّ.
: { احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَى اللهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَخْطَأكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَمَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}.

 قوله: ( كنت خلف النبي ) يحتمل أنه راكب معه، ويحتمل أنه يمشي خلفه، وأياً كان فالمهم أنه وصاه بهذه الوصايا العظيمة.
قال: { إني أعلمك كلمات } قال ذلك من أجل أن ينتبه لها.
الكلمة الأولى: قوله: { احفظ الله يحفظك } هذه كلمة { احفظ الله } يعني احفظ حدوده وشريعته بفعل أوامره واجتناب نواهيه يحفظك في دينك وأهلك ومالك ونفسك، لأن الله سبحانه وتعالى يجزي المحسنين بإحسانهم.
وعُلم من هذا أن من لم يحفظ الله فإنه لا يستحق أن يحفظه الله عزوجل، وفي هذا الترغيب على حفظ حدودالله عزوجل.
الكلمة الثانية: قال: { احفظ الله تجده اتجاهك } ونقول في قوله: { احفظ الله } كما قلنا في الأولى، ومعنى { تجده اتجاهك } أي تجده أمامك يدلك على كل خير ويقربك إليه ويهديك إليه.
الكلمة الثالثة: قوله: { إذا سألت فاسأل الله } إذا سألت حاجة فلا تسأل إلا الله عزوجل ولا تسأل المخلوق شيئاً، وإذاقُدر أنك سألت المخلوق ما يقدر عليه، فاعلم أنه سبب من الأسباب وأن المسبب هو الله عز وجل فاعتمد على الله تعالى.
الكلمة الرابعة: قوله: { وإذا استعنت فاستعن بالله } فإذا أردت العون وطلبت العون من أحد فلا تطلب إلا من الله، لأنه هو الذي بيده ملكوت السماوات والأرض وهو يعينك إذا شاء، وإذا أخلصت الاستعانة وتوكلت عليه أعانك، وإذا استعنت بمخلوقٍ فيما قدر عليه فاعتقد أن سبب وأن الله هو الذي سخره لك.
الكلمة الخامسة: قوله: { واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك } الأمة كلها من أولها إلى آخرها لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وعلى هذا فإن نفع الخلق الذي يأتي للإنسان فهو من الله في الحقيقة، لأنه هو الذي كتبه له وهذا حث لنا على أن نعتمد على الله تعالى ونعلم أن الأمة لا يجلبون لنا خيراً إلا بإذن الله عزوجل.
الكلمة السادسة: { وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك } وعلى هذا فإن نالك ضرر من أحد فاعلم أن الله قد كتبه عليك فارض بقضاء الله وبقدره ولا حرج أن تحاول أن تدفع الضر عنك لأن الله تعالى قال: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا [الشورى:40].
الكلمة السابعة: { رفعت الأقلام وجفت الصحف } يعني أن ما كتبه الله تعالى قد انتهى فالأقلام رفعت والصحف جفت ولا تبديل لكلمات الله.
رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وفي رواية غير الترمذي: { احفظ الله تجده أمامك } وهذا بمعنى: { احفظ الله تجده اتجاهك }.
{ تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة } يعني قم بحق الله عزوجل في حال الرخاء، وفي حال الصحة، وفي حال الغنى { يعرفك في الشدة } إذا زالت عنك الصحة وزال عنك الغنى واحتجت إلى الله عرفك بما سبق لك، أو بما سبق من فعل الخير الذي تعرفت به إلى الله عزوجل.
{ واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك } يعني أن ما قدر الله تعالى أن يصيبك فإنه لا يخطئك، بلا لابد أن يقع، لأن الله قدره.
وأن ما كتب الله أن يخطئك رفعه عنك فلن يصيبك أبداً فالأمر كله بيد الله وهذا يؤدي إلى أن يعتمد الإنسان على ربه اعتماداً كاملاً ثم قال: { واعلم أن النصر مع الصبر } فهذه الجملة فيها الحث على الصبر، لأنه إذا كان النصر مع الصبر فإن الإنسان يصبر من أجل أن ينال الصبر.
وقوله: { وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً } الفرج انكشاف الشدة والكرب الشديد جمعه كروب كمال قال تعالى: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا [الشرح:5-6].
في حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنها فوائد:
من فوائده: ملاطفة النبي لمن هو دونه حيث قال: { يا غلام إني أعلمك كلمات }.
ومن فوائده: أنه ينبغي لمن ألقى كلاماً ذا أهمية أن يقدم له ما يوجب لفت الانتباه حيث قال: {يا غلام إني أعلمك كلمات }.
ومن فوائد الحديث: أن من حفظ الله حفظه لقوله: { احفظ الله يحفظك } وسبق معنى احفظ الله يحفظك.
ومن فوائد الحديث: أن من أضاع الله - أي أضَاع دين الله - فإن الله يضيعه ولا يحفظه قال تعالى: وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [الحشر:19].
ومن فوائد هذا الحديث: أن من حفظ الله عز وجل هداه ودله على ما فيه الخير، وأن من لازم حفظ الله له أن يمنع عنه الشر إذ قوله: { احفظ الله تجده تجاهك } كقوله في اللفظ الآخر: { تجده أمامك }.
ومن فوائد هذا الحديث: أن الإنسان إذا احتاج إلى معونة فليستعن بالله ولكن لا مانع أن يستعين بغيرالله ممن يمكنه أن يعينه لقوله النبي : { وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة }.
ومن فوائد الحديث: أن الأمة لن تستطيع أن ينفعوا أحداً إلا إذا كان الله قد كتبه له ولن يستطيعوا أن يضروا أحداً إلا أن يكون الله تعالى قد كتب ذلك عليه.
أنه يجب على المرء أن يكون معلقاً رجاؤه بالله عزوجل وأن لا يلتفت إلى المخلوقين فإن المخلوقين لا يملكون له ضراً ولا نفعاً.
ومن فوائد هذا الحديث: أن كل شيء مكتوب منتهى منه، فقد ثبت عن النبي أن الله قدر مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة.
ومن فوائد الحديث: في الرواية الأخرى أن الإنسان إذا تعرف إلى الله بطاعته في الصحة والرخاء، عرفه الله تعالى في حال الشدة فلطف به وأعانه وأزال شدته.
ومن فوائده: أن الإنسان إذا كان قد كتب الله عليه شيئاً فإنه لا يخطئه، وأن الله إذا لم يكتب عليه شيء فإنه لا يصيبه.
ومن فوائد هذا الحديث: البشارة العظيمة للصابرين وأن النصر مقارن للصبر.
ومن فوائده: البشارة العظيم أيضاً بأن تفريج الكربات وإزالة الشدات مقرون بالكرب فكلما كرب الإنسان الأمر فرج الله عنه.
ومن فوائده أيضاً: البشارة العظيمة أن الإنسان إذا أصابه العسر فلينتظر اليسر وقد ذكر الله تعالى ذلك في القران فقال تعالى: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا [الشرح:5-6] فإذا عسرت بك الأمور فالتجئ إلى الله عز وجل منتظراً تيسيره مصدقاً بوعده.
 إعراب الحديث :
{ يا } : حرف نداء . { غلام} : منادى مبني على الضم في محل نصب . { إني} : إن حرف توكيد ونصب . الياء ضمير متكلم مبني على السكون في محل نصب اسم إن . { أعلمك} : { أعلم} : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقد يره أنا . { والكاف} : ضمير خطاب في محل نصب مفعول به أول . والجملة في محل رفع خبر إن . { كلمات} : مفعول ثانٍ منصوب وعلامة نصبه الكسرة لأنه جمع مذكر سالم . { احفظ} : فعل أمر والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت . { الله} : : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة . { يحفظك} : فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الأمر وعلامة جزمه السكون والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره هو والكاف ضمير خطاب مبني على الفتح في محل نصب مفعول به . { احفظ الله تجده} : تعرب إعراب الجملة السابقة . { تجاهك} : تجاه ظرف مكان منصوب وهو مضاف والكاف ضمير خطاب مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه . { إذا} : أداة شرط غير جازمة . { سألت} : { سأل} : فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل والتاء ضمير متكلم مبني على الضم في محل رفع فاعل والجملة في محل جر مضاف إليه، فأداة الشرط إذا تضاف للجمل . { فاسأل الله} : { الفاء} : واقعة في جواب الشرط { اسأل الله} : تعرب إعراب احفظ الله . { و} : { الواو} : حرف عطف . { إذا استعنت فاستعن} : تعرب إعراب إذا سألت فاسأل . { بالله } : الباء حرف جر الله اسم مجرور علامة جره الكسرة والجار والمجرور متعلقان باستعن. {واعلم} : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت. { أنّ} : حرف توكيد ونصب . {الأمة} : اسم أنّ منصوب وعلامة نصبه الفتحة . { لو} : أداة شرط غير جازمة . { اجتمعت} : فعل ماضٍ مبني على الفتح والتا ء تاء التأنيث . والجملة في محل رفع خبر إن . { وأنّ } : ومعموليها سدت مسد مفعولي (علم – اعلم) . { على }. حرف جر . { أنْ} : حرف مصدري ينصب الفعل المضارع . { ينفعوك } : فعل مضارع منصوب وعلامة نصبه حذف النون والواو ضمير مبني على السكون في محل رفع فاعل والكاف ضمير خطاب مبني على السكون في محل نصب مفعول به وأنْ وما بعدها تؤول بمصدر مجرور تقديره (على نفعك) . { بشيء} : الباء حرف جر شيء اسم مجرور وعلامة الكسرة والجار والمجرور متعلقان بينفعوك . { لم ينفعوك} : : لم حرف جزم يجزم الفعل المضارع . { ينفعوك} : مجزوم وعلامة جزمه حذف النون . والبقية تعرب إعراب ينفعوك الأولى . { إلا} : حرف استثناء . { بشيء} : كما سبق . { قد} : حرف تحقيق (لأن بعدها فعلاً ماضياً ، أما إذا ورد بعدها فعل مضارع فهي للتقريب ) . {كتبه} : كتب فعل ما ض مبني على الفتح . {والهاء} : ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به . والجملة في محل جر صفة لشيء. { الله }فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة . { لك} : اللام حرف جر والكاف ضمير خطاب في محل جر والجار والمجرور متعلقان بكتب ، وجملة الجار والمجرور في محل نصب حال من المفعول في كتبه . و الواو حرف عطف . {إنْ} : : حرف شرط جازم . { اجتمعوا } : فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير مبني على السكون في محل رفع فاعل والجملة في محل جزم اسم الشرط على أن يضروك بشي . { لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك} : تعرب إعراب جملة على أن يضروك ... إلخ . إلا أن جملة {لم يضروك}: تكون في محل جزم جواب الشرط . { رفعت الأقلام وجفت الصحف } : رفع فعل ماضٍ مبني على الفتح مبني للمجهول . والتاء للتأنيث . { الأقلام} : : نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة . { و} : حرف عطف . { الصحف} : فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة . ومنطوق الحديث كله في محل نصب بدل من (كلمات ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق